قصيده هموم الرحيل جميله جدا جدا جدا ...

رن هاتف المنزل ..وما ان رفعت السماعة حتى بادرتني بالحديث .....



مرحبا....انا فتاة من القدس أتابع شعرك المنشور في صحيفة القدس



....أخذت رقم هاتفك من الصحيفة لأنني شعرت أنك الشاعر الذي يعبر عمّا



بداخلي ...أريد منك أبياتاً كي أنشرها مع نعي والدتي التي انتقلت الى رحمته



تعالى قبل أيام .



فقلت ...عفوا ً ...أنا لست خياطا ً أفصّل القصائد على المقاس .



قالت ....لا يهمني هذا الكلام ..كل الذي أطلبه منك بعض الأبيات الشعرية



....وانفجرت بالبكاء.



قلت لها ...أرجوك...إن الدمعة تقسمني نصفين أرجوك ....وإلا ّ أغلقت



الهاتف .



فتماسكتْ قليلا ....فقلت لها ...هل تسمعين هذه الأبيات من قصيدة لي بعنوان



" الغريب الجريح " تناسب قصتك ...فأسمعتها الأبيات ...فقالت هذا هو



المطلوب ...أعطتني عنوانها في القدس وأرسلت لها الأبيات ونشرتها مع النعي ..





وبعد أكثر من خمسة شهور اتصلت مرة ثانية ...فقالت ...هل تتذكرني ...أجبتها



نعم ...وما هو المطلوب ؟



قالت ...في الحادي والعشرين من شهر آذار أي بعد اكثر من شهرين يحتفلون "



بعيد الأم "



وأنا ...أعرف أنك لست خيّاطا ً !



وأعرف أنك لا تفصّل القصائد على المقاس .!



لهذا اتصلت قبل شهرين من العيد كي أطلب منك قصيدة اريد ان أقرأها



فوق رأس أمي في قبرها ....واخذت تبكي بكاء مرّا ً !! حتى شعرت أن



أسلاك الهاتف قد بدأت بالانصهار !



وهنا بدات أنزف شعرا ً بقصيدتي ..." معذبة بين العيد والرحيل .."



حضرت ْ الى اريحا وتعارفنا واهديتها القصيدة ..وفعلا قرأتها لأمها في



قبرها .



فأرجوكم وأنتم تقرأونها أن تتخيّلوا ...وان تعدّوا ..كم دمعة سكبت ْ فوق قبر



أمها مع كل حرف من حروف قصيدتي .







معذّبة بين العيد والرحيل











بعيد ِ الأمّ ِ يحتفلون َ يا أمي









ولكني بدونك ِ كيف أحتفل ُ ؟









وماذا من هدايا أشتري لك ِ ...









وهْي َ بعد الموت ِ لا تصل ُ ؟









أرى الدنيا بلا معنى









وما فيها صفاء ٌ ...









لا .... ولا جَذل ُ









وبعدك ِ صرت ُ أحيا ..









دون ما أمل ٍ









فأنت ِ حبيبتي الأمَل ُ









بقبرِك ِ أنت ِ ساكنة ٌ









وأسكن ُ في ظلام ٍ ليس َ يُحتمل ُ









وحولي رسمُك ِ الغالي يدور ُ ...









بكلّ ِ ركن ٍ في حنايا البيت ِ يا أمي









وينتقل ُ









ويتبعني إذا ما سرت ُ ...









يجلس ُ إن جلست ُ ...









ينام ُ حين َ أنام ُ ...









لا ينأى









وعني ليس ينفصل ُ









ونار ُ الشوق ِ تأكلُني









وتشعلُني بلا نار ٍ !









فأشتعل ُ









وتغسلني دموعي حين تنهمل ُ









فهل أبصرتمو يوما ً









معذّبة ً بدمع ِ العين ِ تغتسل ُ ؟؟









رحلت ِ ...





وما تركت ِ لنا سوى الذكرى









وجرح ٍ نازف ٍ









هيهات يا أمّاه ُ يندمل ُ









وما أقسى الرحيل َ بدون ِ ما لُقيا









وكم ارواحُنا تبقى ترفرفُ ...









مثل أطيار ٍ









على آثار ِ ِ من رحلوا !!









حملت ُ هديتي ...









وأتيت ُ قبرَك ِ ...







والهدية ُ يا حبيبة ُ كلُّها ...قُبَل ُ !









وشعر ُ محبّة ٍ يزداد ُ باسمِك ِ رقّة ً ...









لمّا أردّده ُ ... ويكتمل ُ









ووجْد ٌ يصهر ُ الأحجار َ ...









لو في قلبِها حينا ً من الأحيان ِ يعتمل ُ !!









وساعات ٍ جلست ُ ...









وهامتي بجوار ِ رأسِك ِ ...









لم يزرْني لحظة ً ملل ُ









نكلّم ُ بعضَنا بالصمت ِ ...!!!









والكلمات ُ في ثغري









تنوح ُ ... تنوح ُ يا أمي









بأثواب ِ الحداد ِ ...









كذلك َ الجُمل ُ









وأحفن ُ من تراب ِ القبر ِ حفْنات ٍ









وفي صدري أخبئُها ... وألثُمُها







وأصنع ُ من لمى ذرّاتِها كُحلي









وصبح َ مساء َ أكتحل ُ !!









وأرفع ُ راحتي َّ بكلّ ِ إيمان ٍ









لربّ ِ الكون ِ أدعو ...ثم أدعو ...









من صميم ِ القلب ِ يا أمي









وأبتهل ُ









ومثل النحل ِ أدعيتي









وفيها أنت ِ يا محبوبتي العسل ُ









وفيها أنت ِ يا محبوبتي العسل ُ !!







شعر : عمران الياسيني / فلسطين



ديواني النزيف رقم 4 صدر عام 2000

مشكور كتير ابوعاطف